كتبت سحر النادى
ليس صدفة أن ما يحدث في مصر هذه الأيام من هجوم شامل وضاري على الثوار
ومكتسبات الثورة يحدث بالتوازي مع امتحانات الثانوية العامة التي تشغل كل بيت في مصر
وتستهلك كامل طاقة الشباب. وليس تنجيما أن نتوقع تصعيدا في الأحداث
مع انتهاء هذه الامتحانات وهرولة العائلات إلى الشواطئ لقضاء الأجازات،
التي قد تمتد حتى عيد الأضحى في سبتمبر كما حدث في العام الماضي.
كما لا أستغرب توقيت إصدار الأحكام التي صدمت الرأي العام في اليومين الماضيين،
فهي تسبق ما يسمى بالأجازة القضائية حيث يغلق القضاة والمحامون
الملفات على الأقل لمدة شهر -قد تمتد إلى شهرين-
استعدادا للأجازة السنوية! مع العلم أن هذه السنة بالذات نتوقع انتخابات مجلس الشعب
في سبتمبر مما قد يعني المزيد من تأجيل النظر في المحاكمات
والقضايا لانشغال القضاة بمراقبة الانتخابات.
لذلك لا أفهم كيف يستسيغ حماة العدالة أن يتوقف عملهم هذا العام بالذات لمدة شهرين
هما من أخطر ما يكون؟ لا أفهم لماذا القضاء بالذات يتوقف عن العمل تماما لهذه المدة الطويلة؟
هل هناك مثل هذه الأجازة الرسمية للأطباء والحرفيين والمهندسين والصحفيين وغيرهم
حتى نسمح بها للقضاة، خاصة في هذه الظروف الحالكة التي تمر بها مصر هذا الصيف؟
في حالة المدرسين الوضع مختلف لأن المستفيدين من خدماتهم -الطلاب- هم نفسهم في أجازة،
ولكن أصحاب الحقوق الضائعة لا يغمض لهم جفن لا صيفا ولا شتاءا
حتى يستعيدوا حقوقهم المهدرة ويرد إليهم اعتبارهم.
أتفهم أن القاضي والمحامي بشر مثلنا يحتاج للراحة،
ولكن الظرف الوطني الحالي يستوجب منا جميعا أن ننحي مصالحنا الشخصية جانبا
ونتكاتف للعمل الجاد المستمر لتحقيق أهداف أكبر وأسمى بكثير من الترفيه والاسترخاء.
ولذلك أحترم جدا مناشدة المحامين للمجلس الأعلى للقضاء في وقفتهم في التحرير الجمعة الماضية
– أول يوليو- لإلغاء أجازة القضاء هذا العام نظرا لما تمر به البلاد، ولإسراع وتيرة البت في المحاكمات
التي تشغل الرأي العام مما سيهدئ كثيرا من الأوضاع في الشارع.
كنت أتمنى أن يرفض القضاة بأنفسهم الأجازة ويصروا على العمل من أجل مصر،
خاصة بعد حصولنا جميعا على أجازة إجبارية قاربت الشهرين أثناء وبعد الثورة،
مما ترتب عليه تعطيل الكثير من المصالح ومنها إجراءات التقاضي في حالات لا تحتمل أي تأجيل.
لو فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم لكسبوا نقاطا كثيرة جدا على الأرض.
وحتى لو لم يكن هذا سهلا من حيث اللوائح المعمول بها، هل هذا هو الاستثناء الأوحد
فيما يحدث حولنا من استثناءات أصبحت هي القاعدة؟ وهل هناك وقت أفضل
مما نحن فيه الآن لتغيير اللوائح المستفزة والخروج على القواعد
غير المبررة التي تضر بالصالح العام ومصالح المصريين؟
ولهذا أحسن وزير العدل المستشار محمد عبد العزيز الجندي بإعلانه أن محاكمات
رموز النظام السابق مستمرة في أثناء الأجازة، ولكن كلنا يعلم كيف تتباطأ وتيرة العمل
في كل مكان في الصيف، وخاصة في رمضان الذي يوافق هذا العام شهر أغسطس،
ولهذا نتساءل: هل سيسير العمل القضائي فعلا بكامل الطاقة والتركيز والسرعة هذا الصيف
وخاصة في القضايا الحساسة التي تشغلنا، أم أن تصريح وزير العدل مجرد تطييب خواطر
وشكل من أشكال التهدئة لا أكثر؟ لا يسعنا إلا أن ننتظر ونرى…
مع العلم أن نفس الكلام ينطبق علىنا جميعا: هذا الصيف ليس الوقت الأمثل
للاسترخاء والكسل والترفيه المستمر لعدة أشهر متصلة، والانشغال في مسلسلات رمضان
وماتشات الكورة وأفلام الصيف… لو بتحب مصر صحيح لا تذهب إلى الساحل لأسابيع متصلة هذا الصيف،
تكفيك أيام متقطعة لإعادة شحن طاقتك واستئناف العمل، كما أرجوك ألا تنقطع عن الأحداث
وتنشغل بنفسك عن مستقبل مصر الذي هو مستقبلك ومستقبل أولادك.
ولنتذكر جميعا أننا لو غفلنا لحظة عن ثورتنا فستسلب منا إلى الأبد،
وإذا حدث ذلك فلا نلومن إلا أنفسنا على ما فرطنا فيه، وساعتها، خلي الساحل ينفعنا!
—–
* سحر النادي مستشارة ومدربة وكاتبة متخصصة في مهارات التواصل الفعال والحوار بين الثقافات، تمتد خبرتها لأكثر من 20 عاما من المشاركة في الفعاليات الدولية والإعلام المرئي والمكتوب والإلكتروني. وقد قامت بتدريس العديد من البرامج التدريبية وورش العمل والمحاضرات للجماهير متعددة الجنسيات في 25 بلدا حول العالم واستضافتها وسائل الإعلام الدولية وظهرت على أغلفة مجلات أوروبية كنموذج للمرأة القائدة وتم اختيارها من بين القيادات النسائية في العالم من جامعة سانتا كلارا بكاليفورنيا
* سحر النادي مستشارة ومدربة وكاتبة متخصصة في مهارات التواصل الفعال والحوار بين الثقافات، تمتد خبرتها لأكثر من 20 عاما من المشاركة في الفعاليات الدولية والإعلام المرئي والمكتوب والإلكتروني. وقد قامت بتدريس العديد من البرامج التدريبية وورش العمل والمحاضرات للجماهير متعددة الجنسيات في 25 بلدا حول العالم واستضافتها وسائل الإعلام الدولية وظهرت على أغلفة مجلات أوروبية كنموذج للمرأة القائدة وتم اختيارها من بين القيادات النسائية في العالم من جامعة سانتا كلارا بكاليفورنيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق