صف معهد واشنطن الأمريكى انفصال عدد من شباب الإخوان المسلمين عن الجماعة
وتشكيلهم حزبا منفصلا باسم "التيار المصرى"، بأنه خطوة تظهر ميوعة السياسة المصرية
خلال الفترة الانتقالية الحالية. ولكن هذا لا يمثل، على المدى القصير،
تغييراً هاماً فى البيئة السياسية العامة فى البلاد لأن هذا الانقسام
كان نتيجة لخلافات إدارية وليست أيديولوجية، كما أن الإخوان المسلمين
تظل أقوى التنظيمات السياسية فى مصر وأكثرها تماسكا.
واعتبر المعهد أن الحزب الجديد يمثل تراكماً لمواجهة متزايدة بين مكتب الإرشاد وشباب الجماعة
حول طبيعة عمليات صنع القرار الداخلى. وأوضح أن التيار المصرى
يمثل انتقادا للبناء الداخلى المغلق لجماعة الإخوان وليس بديلاً أيديولوجياً لها.
فحقيقة أن ثلاثة من مؤسسى الحزب وهم إسلام لطفى ومحمد القصاص ومعاذ عبد الكريم،
ظلوا فى الجماعة لما يقرب من 15 عاماً، ولم يتركوها إلا عندما رفضت مطالبهم بتأثير أكبر لهم،
تشير عدم وجود انقسام فلسفى ذى مغزى بين الطرفين.
وبالرغم من كل ذلك فإن رحيل أبرز النشطاء الشباب عن الجماعة يثير تساؤلا هاما
بشأن الكيفية التى سيؤثر بها ذلك على أداء الجماعة فى الانتخابات البرلمانية المقررة فى سبتمبر المقبل،
خاصة أنه يأتى بعد رحيل عدد من أبرز أعضائها خلال الأشهر الأخيرة على رأسهم عبد المنعم أبو الفتوح
العضو السابق بمكتب الإرشاد، وانفصال إبراهيم الزعفرانى فى مارس لتأسيس حزب النهضة،
ثم رحيل مجموعة أخرى من كبار أعضاء الجماعة لتشكيل حزب الريادة فى يونيو الماضى.
فبرغم أن استمرار الانفصال عن الجماعة قد يقوض الإخوان على المدى الطويل،
إلا أن الانقسامات الحالية لن تضعفها على الأرجح على المدى القصير.
لأن قرار الإخوان بفصل المنشقين عنها ومن بينهم أربعة آلاف شخص
وقعوا على حملة أبو الفتوح لترشيحه للرئاسة، سيردع آخرين عن التفكير فى الانفصال،
فهم لن يخاطروا بالسنوات الطويلة التى قضوها حتى يصبحوا "إخوة عاملين".
فضلا عن ذلك، فإن الأحزاب المنبثقة عن الإخوان جديدة للغاية لدرجة لا تجعلها
تؤثر على قاعدة الدعم الشاسعة للإخوان. فلا يمكن تمييزها عن بعضها البعض فكريا
فى أغلب الأحيان، ويجب أن تتنافس مع أحزاب إسلامية أخرى طرحت نفسها كبديل للإخوان.
كما أن هذه الأحزاب لا تزال فى مرحلة الحصول على ترخيص ومن ثم فهى غير قادرة على التركيز
على تطوير الدعم الشعبى لها قبيل انتخابات سبتمبر.
وعلى العكس من ذلك، فإن حزب الحرية والعدالة الذى حصل على ترخصيه فى أبريل الماضى
أمضى أغلب الشهرين الماضيين فى استخدام شبكة الجماعة المتسعة فى جميع أنحاء الجمهورية
لبناء بنية تحتية له خارج مقراته فى القاهرة. وقام بإجراء انتخابات على مستوى المحافظات
خلال الأسابيع الماضية. وهذا التسلسل الهرمى من شأنه أن يمكن الحزب من دخول انتخابات سبتمبر
كأقوى الأحزاب الإسلامية منافسة ضئيلة من الأحزاب الأخرى المنبثقة عن الإخوان.
وفيما يتعلق بالخيارات المتاحة أمريكا فى هذه القضية، قال التقرير إن عداء الإخوان للغرب
ربما يجعل من المغرى بالنسبة لواشنطن أن تتعامل مع التيار المصرى باعتباره فرصة لإضعاف الجماعة،
لكن فى ظل تقلبات المناخ السياسى الحالى فى مصر، فإنه يتعين على صناع القرار الأمريكيين
أن يتبنوا نهج "الانتظار والترقب". وربما يكون إعلان إدارة أوباما عن إجرائها اتصالات مع الإخوان
جزءا من هذا النهج الحذر فقط إذا كانت هذه الاتصالات جزءا من إستراتيجية أكبر
للتواصل مع الأطراف السياسية الأخرى فى مصر لتحقيق تفاهم أفضل لاهتماماتهمم وأهدافهم.
ويمكن أن تتواصل واشنطن مع التيار المصرى أيضا فى هذا السياق طالما أن صناع القرار يلتزمون بالواقعية
بشأن التوقعات المتعلقة بقدرة الحزب على تحدى الحرية والعدالة سياسياً وإيديولوجيا على المدى القصير.
ودعا المعهد واشنطن إلى ضرورة التركيز على الطرق التى تواجه بها القوة التنظيمية لحزب الحرية والعدالة،
وذلك من خلال استمرار دعم الحكومة الأمريكية للمنظمات التى تقوم بتدريب الليبراليين
على إدارة حملات محلية فعالة، وضرورة التركيز على إثناء هذه الأحزاب عن التحالف مع الإسلاميين.
كما دعا المعهد أيضا إلى قيام الدبلوماسية العامة الأمريكية بدور فى رفع مكانة الليبراليين
بتذكير المصريين أن المحتجين فى ميدان التحرير حاربوا من أجل بلد يسود فيه المساواة الدينية،
فى حين أن الأحزاب التى تدعو إلى إقامة دولة إسلامية لا توافق على هذه الرؤية.
ومن أجل توسيع المساحة السياسية المتاحة لليبراليين، يجب على واشنطن تأييد اقتراح لمنع أعضاء
البرلمان السابق من خوض انتخابات سبتمبر، وسيمثل ذلك خطوة مهمة نحو منع الإخوان
أصحاب القوة التنظيمية وأعضاء الحزب الوطنى السابق من الضغط على الليبراليين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق